السلام عليك يا رسول الله سيدنا محمد بن عبد الله .
هذه وقفة الكُتَّاب كل عام عند ذكرى ميلادك الكريم، يتذاكرون خلالك في التاريخ، وفضلك في الوجود، وأثرك العظيم في الأمة العربية وفي الإنسانية عامة، ويقبسون من هديك، وجليل شرعك، ما يهتدي به الضالون، ويتذكر الغافلون .
قد يكون فيما يشغل العالم الآن فرصة للتذكير بمبادئ الشريعة التي جاهد صاحب الذكرى – صلى الله عليه وسلم – في التبشير بها وحمايتها وإقرارها، وتبصير العالم بحسن آثارها، فقد شغل زعماء العالم أنفسهم – والحرب يتسعر لهيبها ويتأجج أوراها – بوضع النظم والقواعد التي سيستقر العالم عليها بعد الحرب، ويُرْجَى أن تكفل له سلمًا دائمًا، وعيشًا رَغدًا، وحياة طيبة تعزيه عَمَّا قاساه من وَيْلات الحَرْبِ، وعاناه من أَهْوالِهَا .
أَجَلْ، شغل زعماء العالم أنفسهم بوضع هذه القواعد، واجتمعوا لها في البر والبحر والشمال والجنوب، وفكروا فيها فُرَادَى وتدارسُوهَا مُجْتَمِعِينَ، وانتهت الدراسة بوضع أصول عامة لتنظيم العالم المُستقبل، أَعْنِي عالم ما بعد الحرب، وسُمِّيَتْ هَذِهِ الأُصُول بميثاقِ الأَطْلنْطِي . وهي تتلَخَّصُ فيما يَأْتِي :
حرية العبادة، وحرية التحرر من الفقر والخوف، وحرية التحرر من الظلم والاستعباد، وحرية الرأي والقول .
تلك هي أصول هذا الميثاق، وهوأحدث ميثاق في العالم، وضعه عباقرة الأمم في الحرب والسياسة، واستقبلته الشعوب بمظاهر الغبطة والابتهاج، واستبشرت بمستقبل رضي، وعيشي هني، وتمنى شيوخ الحاضر أن تمتد آجالهم ليتفيئوا ظلاله، ويجنوا ثماره .
فلنا أن نتساءل : هل هناك تشابه بين أُصُولِ هذا الميثاق وبين ما جاءت به الشريعة المحمدية من أصول .
نستطبع أن نجيبَ في ثقةٍ واطمئنانٍ بأن هناك تشابهًا في عدالة هذه الأصول وجلالها وحسن أثرها في إسعاد الأمم والشعوب، إِنْ تَمَسَّكَتْ بِهَا، واسْتَقَامَتْ عَلَى هَدْيِهَا، كَمَا نستطيع أَنْ نُجِيبَ فَخُورين بِأَنَّ للشَّرِيعَةِ الإسْلامِيَّة فَضْلَ السَّبْقِ بِهَا .
فَحُرِّيَّةُ العبادةِ أساسُ السِّياسَةِ الإسْلامِيَّةِ، التي صَارَ شِعَارُهَا لأهلِ الكُتُبِ السَّمَاويةِ بعدَ زَوالِ الوَثنيةِ مِنْ بِلادِ العربِ : “لا إكراهَ في الدينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ”
